
ملتقى الشارقة للشعر العربي يستضيف ليلة سعودية باذخة بالشعر
ضمن نشاط ملتقى الشارقة للشعر العربي الشهري استضاف بيت الشعر بدائرة الثقافة بالشارقة ” شعراء من السعودية ” وذلك مساء أول من أمس بمقر بيت الشعر في قلب الشارقة بحضور الأستاذ محمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر ، وحشد من متذوقي الشعر والإعلاميين وشارك فيها كل من الدكتور أحمد الهلالي والدكتور سلطان السبهان وعبداللطيف بن يوسف وابراهيم حلوش ونادية اسماعيل بنون وقدمها نصر بدوان.
قرأت الشاعرة نادية بنون مجموعة من النصوص التي حملت روحانية مكة إلى الشارقة ووزعت ورود حروفها على الإمارات والعاطفة والوطن بتفاصيله وإنسانه، ومن قصيدة أهدتها إلى الشارقة :
إمارةٌ أنتِ بل كل الإمارات … أنّ المكانةَ ليست بالشعاراتِ
موائدُ الشمسِ من جفنيكِ مشرقةٌ … تُبرعمُ النورَ في أعتى المغاراتِ
أتيتُ من نصفكِ الثاني محملةً … بومضةٍ من أكاليلِ اختياراتي
من البلادِ التي تستفُّ سُؤددها … من الرحيم .. ومن ضوءِ المناراتِ
وقرأت للعاطفة والهجر وعذابات الوجد قصيدة ” يمين الله ”
ولو كانت أمانينا اختياراً .. لكان سبيلُ صُحبتك اختياري .. تلاقينا وروحُ الود تُلقي .. على الشطآن أصدافَ المحارِ … وأعقبَ شملُنا المحمودُ هجر … سيهجو فرط قسوته اصطباري … فشكراً يا رسول الحب شكرا … على حسن الضيافةِ والقرارِ
الشاعر الدكتور أحمد الهلالي شكر الشارقة لأنها المحطة الأولى التي يصافح فيها بلداً بعد وطنه، وأهدى الشارقة أبياتاً تعبر عن فرح كبير :
يقولون .. ما زالت الأرضُ تبحثُ لكن .. أرى غير ما يعلمونْ … ها هي الأرض … والعقد في بسمة الإتحاد … وواسطة العقد في صدرها .. الشارقة
ومن قصيدة عنونها باسم الفيلسوف اليوناني أفلاطون في محاكاة تحمل الكثير من الرمزية على واقع يرى أن فلسفة الحرف ربما تكون رسالة صادقة أقرب إلى الطريق الذي يؤدي إلى تحقيق الجمال:
ما كنتُ بِدعاً ولكنَّ الظلامَ أبى .. من الهدايةِ إذْ أغريتَ بي دَجَلَكْ
هذي المنائرُ إن حرّمتَ منبرها .. على الصقور لتستبقي بها حجَلَكْ
فما بلغتَ بها صبحاً وما شربت … ليلاكَ غيرَ قذىً في مقلتيكَ سلَكْ
الدكتور سلطان السبهان طرح رؤى عميقة حول ماهية الشعر وشغب الكتابة وأهمية الشعر وجه من خلالها رسالة إلى مدعي الكتابة :
لم تذُقْ خُلوةً ولم تتغرّبْ .. تدّعي الوصلَ بالفؤادِ المخرّبْ
فاسترح .. هذه الدروبُ اعتلالٌ … واترك الركضَ للحصانِ المجرَّبْ
فكرةٌ بعد فكرةٍ سوف تدنو … قبلَ أن تَدخُلَ الجحيمَ تقرَّبْ
يخذلُ الشعرَ من يرى الشعرَ دُفّاً .. وهو نايٌ إلى الحنايا تسرّبْ
قبلَهُ خافقٌ يذوبُ وعينٌ … سُهِّدتْ بالنوى وكفٌّ تترَّبْ
وحول هذه الرؤية ” الحقيقة ” كما أطلق عليها وأصدر شهادة الميلاد باسمها، يرى من خلال الصورة الجميلة في النص مالا يراه من يكتفي بقشور الكلام:
شاعرٌ يُلبِسُ الوجوهَ الأسامي .. يقرضُ اللونَ حين ينسى بريقهْ
أدركَ الحبَّ يومَ كان اختياراً … قبل أن يخدعَ السرابُ الخليقةْ
ربما ضاق عن نجاواهُ وزنٌ … وحدهُ الدمعُ شاعرٌ بالسليقةْ
وبروح شابة متوثبة طموحة محلقة، طاف ابراهيم حلوش بالقصيدة الأنثى ليحرر وجع الغيم برقصة الشعر:
أغفو على صوت آلامي وأدّكِرُ … والغيمةُ البكرُ من عينيَّ تنهمرُ
أمدُّ للحلم كفاً مورقاً رقصت … بهِ القصائدُ لكن خانها النظرُ
يُحيطُ بي الوهم والآهاتُ تنهشُني … ويشتهيني الندى والورد والمطرُ
والهمُّ عشّشَ في جنبيَّ من زمنٍ … فأرتدي ثوبَ آلامي وأنشطرُ
ثم أنسن حلوش النار لتقرأ رماده وكأنها عنقاء تنهض لتعلن عن ميلاد حقيقي للقصيدة :
في رُكنهِ الأقصى يُذيبُ سُهادهْ … والتبغُ يشربُ صوتَهُ وفُؤادهْ
متشبّثاً بالآه صدرُ حياتهِ … والنارُ تقراُ في الظلام رمادهْ
قالت مياهُ الوهم دونكَ أدمعٌ … ظمأى كنصٍّ يستحثُّ مِدادهْ
واختتم عبداللطيف بن يوسف ليلة الشعر السعودية الباذخة بقصائد حلقت برسالة الشعر وطافت بها في آفاق رحبة تنشر الضياء والطمأنينة والدهشة على الحضور، ومن قصيدة ” أمازيغية ” قرأ:
على طرقاتِ مكّة كان مُلقى .. ” نبيٌّ فيَّ ” همَّ وما استحقّا
فلي سببُ النزولِ بغيرِ وحيٍ .. ولي قدرُ الخروجِ عصاً وشَقّا
تُقلِّبُني الرياحُ على اشتهاءٍ .. رحلتُ مغرّباً فحللتُ شرقا
ولو أنّ الرهانَ على المرايا … لكنتُ رأيتُ أندلُساً دمشقا
وقرأ قصيدة ” مقام ” وهي في سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم مستهلاً بسعاد كعب بن زهير :
“بانت سُعادُ ” وغادرَ الشعراءُ .. لا تمتحنّي .. ناقتي عرجاءُ
لا صخرة المعراج كنتُ أُطيقُها .. ويَهدُّ روحي ذلك الإسراءُ
لهَفي على باب السلام تصبُّ لي .. خمرَ الشهود القبّةُ الخضراءُ
يا سيدي والعمر يومٌ واحدٌ … خذني بهذا اليوم فهو فناءُ