مقهيً علي يسار الشارع..
وشباك في المواجهة..
وكأنما تواعدا كما فعل صلاح وسميحة في وسادتهما الخالية …
في الخامسة تماما..
نضبط الساعات ..
ونتداول في أمر النظرة..
ساعة أو بعض ساعة..
النظرة باب العشق..
قالها السبعيني الذي يجلس إلي جوارنا.. وهو يحدق في نارجيلته..
ثم إنصرف إلي حديثه معها…
نارجيلة السبعيني شديدة الخصوصية..
فهو يحملها إلي بيته ويعود بها…
في الخامسة تماما يدخل إلي الشارع.،وقد تعلق بذراعه صديق له..
عصاه التي في يمينه لا تطأ الأرض أبدا..
يمشي في طريق مستقيمة،،،لا يحيد ،،،بمحاذة الشباك.. يلتفت يميناً ،،،
يرفع رأسه..
ثم تلوح إبتسامتين كضوء النهار..
واحدة علي الإرض..
وأخري في الطابق الخامس..
الطابق الخامس .. علي الدوام نوافذه مفتوحة علي مصراعيها..
إلا شباك الخلاسية..
تفتح ..
لنظرة..
واحدة ..
كيف لنظرة أن تكون هكذا..
نظرة تعدل الحميمية .
هكذا قال صاحبي .. بعد أن وضع ساقاً فوق أخري..
ونطق بقول العارف..
الجالسون علي الدوام نسجوا الحكايات ..
وكل أدلي بدلوه…
صمت الجميع بعد أن تجاوزت عقارب الساعة الخامسة بدقيقة…وكأن علي رؤسهم الطير…
لم يدخل المكفوف إلي الشارع..
والشباك موصد علي حاله..
لثلاثة أيام .. والحكاءون في صمت..
كل منا قد فقدا عزيزاً…
في اليوم الرابع ..
كانت العصا تضرب الأرض..
والمكفوف يتحسس الخطي..
حتي وصل أسفل الشباك..
لم يلوي عنقه..
إستدار لنا..
من خلفه كانت إمرأة ثلاثينية متشحة بالسواد..
تربت علي كتفه..
ناولها العصا..
عيوننا متعلقة والشباك الموصد…
حين سبقته بخطوة واحدة..
إلتفتت إلي حيث نجلس..
ضربت صدره بيدها..قالت..
طوبي لأصحاب البصيرة..
رفعت العصا عن الأرض
..
وراحت تعد الخطي..
خطوة ،، خطوة
في كل خطوة
كانت تنهال الرحمات علي روح صاحبه
…
أيامي