
فتتح سعادة الاستاذ عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة بالشارقة ، بحضورمعالي محمد المر، و معالي عبدالعظيم الصادق الكاروري القنصل العام لجمهورية السودان في دبي والإمارات الشمالية ، والأستاذ محمد إبراهيم القصير المنسق العام للمهرجان و مدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة ، والأستاذة منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، معرض ” البعد الرابع ” للفنان الراحل عثمان وقيع الله من السودان ، ضمن فعاليات مهرجان الفنون الإسلامية /أثر، الذي تنظمه إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة في دورته العشرين، صباح اليوم الأربعاء 10/1/2018م في متحف الشارقة للخط.
حضر الافتتاح أساتذة الخط في مركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة وبيوت الخطاطين والمشاركين في الورش والدورات ،وجمع من الفنانين في الخط والتشكيل، وإعلاميون، والجمهور المهتم بالخط العربي وقاماته ورموزه.
وتهدف إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة في هذا المعرض تسليط الضوءعلى تجربة عربية رائدة في فن الخط، الذي يضم عددا من أعمال الفنان الراحل عثمان وقيع الله من السودان، فمن خلال هذا العرض الذي يقارب إلى حد ما الصفة الاستعادية، نظرا للشمولية التي يتمتع بها والإضاءة على مختلف مراحل الفنان، نتعرف بشكل دقيق إلى الاتجاه المُحدّث والريادي في السودان. وضمن هذه الحالة البانورامية ندرك حقيقة النشاط الفني والفكري لمبدع ينتمي إلى الحالة التشكيلية الفاعلة عربيا والمزدهرة حضاريا، ويعتبر قامة مؤثرة في أجيال عديدة من أبناء بلده، وتعتبر استضافة هذه التجربة الوازنة للفنان الراحل عثمان وقيع الله إنما تشكل إضافة قيِّمة لما يتم عرضه من تجارب معاصرة في التشكيل والخط ضمن المهرجان، فضلا عن أنها تعيد أعمال الفنان إلى دائرة الضوء، ما يفسح المجال لقراءاتها الجمالية المعاصرة وإعادة اكتشافها من جديد.
ونجد أعمال الفنان الراحل عثمان وقيع الله في هذا المعرض منتقاة من عدد كبير من أعماله التي تفوق الستمئة، ومن بينها ثلاثة مصاحف، إذ كتب عثمان بكل أنواع الخطوط واستخدام القوالب التركيبية بطرق غير تقليدية، محاولا التجديد، سواء عبر تنويع الخطوط الكلاسيكية من الكوفي والثلث والنسخ، أو عبر استخدام الألوان بطبقاتها المتعددة، وتميز بأسلوب خاص ومتفرد يميّز خطه أينما يشاهد، وأضاف لتجربته أسلوباً آخر جمع فيها بين الخط واللون أسماه “البعد الرابع”، وأطره برؤى فلسفية وتأملية، مثل قوله في إحدى المقابلات معه : “إن البعد الرابع” بعدٌ تراه البصيرة عقب البصر. وإن قليلاً من التأمل كفيل ببلورته في اللوحات التي تهدف إلى جعل الخط لحمة اللوحة وسداها. دون أن تستعير المفردات الفنية الغربية، خاصة وأن خطنا العربي لا يحتاج أصلاً إلى مثل هذا الاستجداء الذي لا يعبر إلا عن عجز وقصور في إدراك ما للخط العربي من إمكانيات. والعمل الفني المكتمل لا يحتاج إلى شرح، وقد شاهد أعمالي كثير من غير العرب وتذوقوها كما تتذوق الموسيقى الأجنبية. ثم إنني بفني هذا أريد إبلاغ أهلي وعشيرتي أولاً، ولا يهمني من لا يقرأ العربية. والدور عليه أن يتعلمها ليفهم ما يكتب بها”.
والجدير بالذكر أن الفنان الراحل البروفيسور عثمان وقيع الله (1925 – 2007) رائد مدرسة الخرطوم، التي استلهمت صيغ الخط العربي وجمالياته. حاصل على وسام الإنجاز من رئاسة الجمهورية في السودان، وإجازة من الخطاط المصري سيد إبراهيم. أنجز بخطه المتفرد بعض المصاحف وعددا كبيرا من اللوحات القرآنية. وهو أستاذ مؤسس لكلية الفنون الجميلة 1951،ولأول مرسم حر لفنان سوداني. ساهم في تأسيس البرنامج الأوروبي في الإذاعة السودانية، وصمم أول عملة سودانية.
عاش في بريطانيا بين عامي 1967 و 2005، وخلال هذه الفترة عمل بهيئة الإذاعة البريطانية القسمين العربي والأوروبي، وحاضر بالجامعات البريطانية، وهو عضو اتحاد الصحافيين العالميين، ونقابة الصحافيين البريطانيين، كما أنه خبير خطوط أمام المحاكم البريطانية، أقام العديد من المعارض، نذكر منها ما أقيم في معهد كونتربري للفنون، ومعهد جامعة اكسفورد، والمركز الثقافي الإسلامي لندنوغيرها.
ويحفظ التاريخ لعثمان أنه كان أوّل سوداني يحقق امتيازاً في إجادة الخط العربي على نهج وطرق المدرستين العربية والتركية، وقد كان بذلك أبا ومعلما ورائدا لأجيال الخطاطين الموهوبين الذين خدموا فيما بعد في الصحافة والنشر، والتربية والتعليم، وسوق الإعلان.