
بقلم الدكتور حازم صيام
التفكير هو المهمة المميزة للإنسان عن سائر الخلق وهو السر في خلقه ، حيث يقول الله تعالى :”ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم ،فالتفكير سيكون سبب هذا الخلاف لذلك خلقهم لا للخلاف ولكن لتثمين هذا الاختلاف ايهم علي صواب وايهم علي خطأ.. ومن ثم ينال العبد التكريم او التحقير ..طبعا علي العمل وليس علي الفكر ..ولكن العمل الذي وراءه الفكر ، لهذا فإن المطلوب منا هو التفكير وليس بالطبع التكفير
ان التفكير هو مناط التكليف فلا تحاسب الا بما فكرت وعقلت لهذا فإن المجنون لا يسال عن فكره ومن ثم لا يسأل ايضا عن أعماله ويدخل الجنه بغير حساب.. وربما تفعل ولا تجد وقد تجد مالم تكن تفعل والسبب في كل هذا كله هو وجود او انتفاء التفكير
نافذتي الفكريه تأخذك نحو أطلاله علي أدونيس في «تفكير-تكفير»، فيقول الشاعر في كتاب له صدر في بيروت «في الرؤية الدينية أن النص الديني مكان الحقيقة وبيتها. مؤكدا أنه لا يعترض على هذه الرؤية أذا اقتصرت على الحقيقة الدينية حصرا وعلى المؤمنين بها حصرا وعلى النص الديني حصرا،مضيفا أنه يعترض عندما يصبح النص الديني معياراً في النظر إلى النصوص غير الدينية وعندما تصبح حقيقته هي كذلك معياراً تقاس به الحقائق الأخرى أو تفرض في مؤسسة ثقافية – اجتماعية – سياسية تطالب غير المؤمنين بأن يلتزموا بها وألا يفكروا بطرق تؤدي إلى حقائق أخرى غير دينية”.
وفي الكتاب الصادر لنفس الشاعر بعنوان «الكتاب الخطاب الحجاب» أمورا عديدة في الفكر والحياة العربيين، بما عرف عنه من نظر عميق غير تقليدي. ورأى أنه لا يمكن للإنسان العربي في هذا العصر أن ينجز ويتقدم إذا بقي فكره وبحثه محصورين في إطار ما هو مسموح له به، لان الانجاز لا يكون بالتوصل إلى ما نعلم، بل إلى ما لا نعلمه أن «الموروث التأويلي الديني وخصوصاً الإسلامي يعلمنا أن القائل برأيه في الدين مخطئ وإن أصاب. فلا معرفة في الدين إلا بالنقل… النقل آلة وليس للآلة حاضر، لأنها منذ أن تحضر تصبح ماضياً. أنها حاضر بلا حضور، زمنها تكراري. هكذا تسيطر على الحركة وتلجمها…ذلك أن المعرفة انجاز دائم بينما الآلة نظام مغلق”.».
وفي مجال آخر فإن كنا سنقوم بغوص في «حوار-التسامح» بين الديانات وأصحاب الكتاب من مختلف الأجناس ،حيث أن ادونيس تحدث في كتابه عن حركة الحوار بين الأديان أو بين الحضارات فقال أن لفظة «التسامح» تتخذ «اليوم شكل المفتاح الأول لبناء هذا الحوار. وتشير هذه الكلمة بدلالتها العامة السائدة إلى «مخطئ» وإلى «مصيب» يتناسى الخطأ فيسامح وهذا ما يدعو إليه ديننا الإسلامي المتسامح وما يتميز به من سمات الرحمة والعفو والتسامح بين الشعوب.
وكذلك فقد دعانا الدين الإسلامي الحنيف إلى التفكر في خلقه سبحانه وبدائعه الكونية التي تعجز عنها البشرية من أجل التفكر والتعمق في الذات الإلهية التي خلقتنا وتعلم ما بداخلنا وما تنطق بها ألسنتنا وما نقوم به من أفعال لنكسب رضاه طاعة له وإيمانا به لهذا فالتفكير فرض علينا فيما حولنا يجعلنا نتعمق في إيماننا بالخالق وبالشرائع والفرائض التي نطبقها بحياتنا كي يزداد إشعاع الإيمان في قلوبنا رهبة وهيبة لله وخضوعا لأوامره وابتعادا عما ينهى عنه من الكفر وعدم الالتزام بما أنزل الله في محكم كتابه من شرائع وفرائض تنظم حياتنا وتجعل ديننا يصلح لكل زمان ومكان ومهما وصل الإنسان من تطور فمرجعه لخالفه الذي أوضح كل شيء في كتابه ويكتشفه العالم تباعا في عصرنا الحالي .